نظرة_غامضة
عدد الرسائل : 115 تاريخ التسجيل : 05/04/2008
| موضوع: اتيان دينية رسام فرنسي اعتنق الاسلام ادخل لا تتردد الثلاثاء أبريل 08, 2008 9:28 pm | |
| | السلام عليكم اخواني اخواتي في الله اتمنى ان يعجبكم الموضوع (تناغم الفن والدين)ولد الفنان إتيان دينيه في 28/03/1861 لعائلة بورجوازية كاثوليكية من مقاطعة لواريه بفرنسا ، وكان أبوه محاميا وأمه ابنة محامي ، غير أن هذا كله لم يمنعه من الاتجاه اتجاها مغايرا لعائلته وثقاته وحضارته ، ومع أول فرصة أتيحت له ، بعد أن حصل على وسام على لوحته -صخرة صاموا - قام بزيارة للجزائر في 1883 ، امتدت حتى ورقلة والأغواط ، ثم تكررت زياراته لها ، حتى استقر أخيرا في بوسعادة سنة 1905 (1).
تتخذ اللوحة موضوع الصلاة كقيمة حضارية وثقافية ، استطاعت في يوم ما أن تزيح عن الفنان ، ذلك الحاجز الكبير بين الثقافات ، وتريه الأبعاد الكبيرة لدين كالإسلام. |
| وأثناء ذلك ، تعرف على شاب جزائري يدعى سليمان بن إبراهيم باعامر ، الذي ربطته به صلة قوية ، أثمرت أعمالا فنية وفكرية كثيرة ، وهكذا حتى أسلم الفنان إتيان دينيه عام 1913 وتقلد الاسم المجيد : نصر الدين(2)، واللوحة التي نشاهدها، هي ثمرة تلك التجربة الفذة للفنان نصر الدين دينيه ، وهي من أكثر اللوحات تعبيرا عن خصائصه النفسية والوجدانية واتجاهه الروحي ، حيث تتخذ موضوع الصلاة كقيمة حضارية وثقافية ، استطاعت في يوم ما أن تزيح عن الفنان ، ذلك الحاجز الكبير بين الثقافات ، وتريه الأبعاد الكبيرة لدين كالإسلام . ولذا سنقوم بتحليل هذه اللوحة من هذا المنطلق ، أي اعتبار اللوحة تجسيدا لتلك الرحلة العظيمة ، رحلة الإيمان والضمأ إلى الله .هذا وسنقوم بعملية التحليل وفق طريقتين : الطريقة الأفقية التي ستبرز لنا الزمن الثقافي للحضارة، والطريقة العمودية التي ستبرز الزمن الروحي . |
|
إتيان نصر الدين دنيه | فأفقيا: نلاحظ في اللوحة ذلك الالتحام الثقافي بين الأجيال ، حيث تتوحد الأجيال الثلاثة : الشباب والكهولة والشيخوخة في صف واحد ، لتبرز الاستمرار الثقافي المتمثل في الوجود جنبا إلى جنب إلى حد الالتصاق ، كما نلاحظ الشيخوخة تواجه الشباب ، الشيخوخة البعيدة والمنزوية نوعا ما والتي لا تبرز بشكل كامل ، بعكس الشباب والكهولة اللتين تظفران بمساحة واسعة من اللوحة ، للتأكيد على قوة الثقافة وحيويتها التي لا تزال مستمرة رغم الاستعمار ، فكأن الفنان هنا ما زال يحمل الأمل في مستقبل واعد للثقافة التي اختار الانتماء إليها طواعية ، بعكس الشيخ الذي يمثل الماضي المطأطئ رأسه إلى الأرض وإلى يديه . وكذلك بالنسبة للألوان ، إذ تأخذ في حالة الشباب والكهولة صفة العنفوان والقوة ، وقد اختار الفنان ، كما في معظم لوحاته ، اللون البني الغامق الذي هو لون الأرض الخصبة والمتفاعلة مع الإنسان ، أما في حالة الشيخ فإنها تأخذ البني الفاتح ، الذي يعبر عن الضعف ودنو الأجل ، غير أن هذا كله لا ينقص من مرحلة الشيخوخة أو يحد من دورها ، إذا هي كما قلنا استمرار متواصل ونهر متدفق ، لا يني يهدر ويشق طريقه في الزمان . وهذا ما يدل عليه جلوس الشاب ملاصقا للشيخ ، إذ الشاب هو الأقرب فكريا لتمثل حكمة الشيخوخة والاتصال بها ، وليس الكهولة ، فالترتيب هنا ترتيب ثقافي قبل أن يكون زمانيا ، والشاب هو الأقرب للشيخ من حيث التواصل وليس الكهل . |
|
لوحة الصلاة |
|
تظهر لنا اللوحة تعلق الأرض بالسماء واتصالها بها ، في حالة من التواضع الشديد والانكسار أمام الله ، بدءا بالبرانس التي تأخذ نفس الخشوع الذي للأجساد ،بانثناءاتها الكثيرة وهي تلامس الأرض بكل تواضع ، إلى الأعين المليئة خشوعا واستجداء. |
| أما عموديا : فإن اللوحة تظهر لنا تعلق الأرض بالسماء ، واتصالها بها ، في حالة من التواضع الشديد والانكسار أمام الله ، بدءا بالبرانس التي تأخذ نفس الخشوع الذي للأجساد ،بانثناءاتها الكثيرة وهي تلامس الأرض بكل تواضع ، ملتصقة ببعضها لتدلنا على الأصل الإنساني المشترك المتمثل في الأرض ، ثم سرعان ما يزداد هذا الخشوع كلما ارتقينا نحو الأعلى ونحو السماء ، ليأخذ صفة أكثر تنوعا، حيث نجد أولا الأيدي المرفوعة نحو السماء والتي انزاحت عنها أكمامها ، لتعير بذلك عن حالة التجرد التي هي فيها ، ولتصبح عارية أمام الله وهي تدعوه، ثم الوجوه التي تتكثف فيها حالة الخشوع والانكسار إلى حدودها القصوى ، ليظهر ذلك كله في الأعين الصافية الخاشعة التي ترجو الرحمة والغفران .وكأن الفنان أراد منا أن نواصل عملية الارتقاء هذه ، بدءا من الأرض الطينية ، إلى اللباس ، إلى الأيدي ، إلى الوجه المفعم بالخشوع ، إلى الأعين وهي تتجه إلى السماء ، ليبرهن لنا على أن ليس فوق ذلك كله إلا الله .وقد تجلى بالاستجابة لهذه الكائنات الخاشعة المستجدية ، عبر ضوء الشمس وقد لامس باطن الأيدي دون ظهورها ، وكأن الله يستجيب لها في انفس اللحظة التي تكون فيها متفاعلة معه ومتصاعدة إليه . |
|
لوحة العودة |
|
غير أن هناك قيما أخرى هي من صميم الثقافة الإسلامية ، أراد الفنان إبرازها بصورة غير مباشرة في هذه العلاقة بين السماء والأرض ، أو بين الله والإنسان ، وهي: - الخوف والرجاء : لأن الأعين في اللوحة لا تتجه إلى السماء مباشرة ، بل تنظر إلى الأمام المتجه قليلا إلى أسفل أو أعلى، لتبرز لنا أنها تعرف الله حقا المعرفة ، لكنها في نفس الوقت تستحيي منه وتخاف منه ، فلا تستطيع مواجهته مباشرة ، وهذا ما يعبر عنه في الإسلام بالخوف والرجاء ، وهي حالة مهمة ، تلتقي فيها السماء بالأرض ، والله بالإنسان ، ليصبح التفاعل على أشده .
تبرز اللوحة الكثير من القيم الإسلامية ، كالزهد والتقوى والإيمان بالغيب والخوف والرجاء ، عبر بث الإحساس في الأشخاص والحركات والمكان ، وهو ما يجعل الفن قادرا على التعبير بصدق عن القيم الدينية . |
| - الزهد : وهو ما يبرز في حالة التضرع المقترنة مع الدعاء، والتي تنتشر في سائر اللوحة ، فهي لا ترتبط بأي من مغريات الدنيا أو زخرفها ، بل هي متجهة إلى تطهير النفس والذات من أخطائها ، في حالة من الانكسار الشديد ، والاستجداء العميق الذي يستحيل أن يكون موضوعه هو الدنيا ، خاصة وأن المكان الذي تقع فيه اللوحة مكان بعيد عن الدنيا تماما ، مكان في العراء يرمز إلى التجرد لله ، والفنان نفسه ارتبط بالعراء بصفة نهائية في سائر لوحاته ، كما ارتبط بالثقافة ، لأنهما رمزان متحدان للتجرد لله ، وهذا ما ترينا إياه خلفية اللوحة التي تظهر البنايات الطينية التي تمثل الاستقرار الدنيوي ، مبتعدة كثيرا عن مكان الصلاة ، متوارية خلفه ، وقد تركت مكانها لما هو أهم منها بكثير ... الآخرة ونشدان المطلق . - التقوى : حيث ، وكما قلنا سابقا بالنسبة للاستمرار الثقافي للأجيال ، نلاحظ هنا أن الأجيال الثلاثة ، وهي الشيخ والشاب والكهل ، لا تمثل الاستمرار في علاقتها بالسماء ، بقدر ما تمثل الفناء فيها ، فما الإنسان في نهاية المطاف بالنسبة للسماء ، إلا وجودا سرعان ما ينتهي دوره ويرحل إلى عالم ربه ، و الشيخ هنا هو الأقرب إلى هذه المرحلة ، باعتبار ألوان الصفاء التي تعتريه ، وباعتبار قربه من الأرض ، حيث نلاحظ طأطأته نحوها ونحو يديه ، وكأنه يكاد يلتصق بهما ، للتعبير عن فراغ أمله من الدنيا وإحساسه بقرب الرحيل ، بعكس الشاب والكهل ، الذين يمثل امتداد أيديهما ورحابة المساحة التي يتركانها عن الأمل في الله والشوق إليه .وهذا كله من صميم ثقافتنا الإسلامية التي تزخر بهذه المعاني . | - الغيب : لا تظهر السماء في اللوحة مطلقا، بل تظهر في سائر اللوحة ، من خلال الوجوه والحركات والانفعالات ... فهي موجودة ، لكنها تتستر وراء ما تحدثه من انفعال وخشوع ، وهذا من صميم الثقافة الإسلامية التي تقوم على الإيمان بالغيب الذي لا يظهر عيانا ، وإنما يبرز من خلال ما يقوم به من دور نلاحظ آثاره في النفس والثقافة ، والفنان وعى هذا جيدا واستطاع إبرازه من خلال توريته لكثير مما كان قادرا على إبرازه ، إلا أنه اختار أن يجعله موحيا ، ليتناغم مع المنطلق الثقافي الذي يعبر من خلاله عن هذه الثقافة . - التقرب : إن اللوحة لا تصف المصلين وهم يؤدون الصلاة ، وإنما تبرزهم بعد أداء الصلاة ،حيث جلسوا يدعون الله ، وهذا له دلالته الثقافية والدينية المهمة جدا ، حيث جاء في الحديث الشريف أن الملائكة تصلي على المصلى ما دام جالسا في مكانه الذي صلى فيه ، مما يدل على العمق الإيماني المتجذر في الأشخاص ، إذا لم تكفهم الصلاة لوحدها ، فاختاروا التقرب إلى الله ، والزيادة في العبادة ، وهو ما يعرف في الإسلام بالنافلة ، كما في الحديث القدسي المشهور ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ،وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته ،كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءلته (( (3) وهذا كله ، إبراز لقيمة التقرب من الله والسعي إليه . يبقى أن نقول أخيرا إن قدرة الفن على إبراز القيم الدينية والروحية للإسلام كبيرة جدا ، أكبر مما نتخيله ، وقد استطاع الفنان نصر الدين دينيه منذ أكثر من قرن من الزمان أن يتفاعل باقتدار مع الإسلام ويبرز قيمه الكبيرة والمعطاءة ، وربما هذا ما جعله يقبل على الإسلام ويتخذه دينا ومنهجا في حياته ، لأن الإسلام يخاطب أول ما يخاطب طاقة الإنسان على الإحساس وإدراك القيم والمعاني العميقة التي تنبث في سائر تعاليمه وتشريعاته . ملحق : وصية نصر الدين دينيه : هذه هي رغباتي الأخيرة فيما يخص جنازتي : يجب أن تشيع جنازتي طبقا للتعاليم الإسلامية ، لأنني اعتنقت الإسلام بكل إخلاص منذ عدة سنوات ، وكرست كل منجزاتي ومجهوداتي لتمجيد الإسلام . يجب أن تدفن جثتي في المقبرة الإسلامية بمدينة بوسعادة التي أنجزت فيها القسم الأعظم من لوحاتي . إذا كانت وفاتي في بلاد أخرى فيجب أن تعاد جثتي إلى بوسعادة وتكون تكاليف النقل من تركتي . وإذا وافاني الأجل في باريس ، ولم يتواجد أي مسلم لإقامة صلاة الجنازة ، فإن جنازتي يجب أن تكون مدنية فقط ، ريثما تشيع جنازتي حسب التعاليم الإسلامية في بوسعادة . إن هذا التصريح يلغي جميع القرارات التي ربما كنت قد اتخذتها في تاريخ سابق . باريس 5 ديسمبر 1913 إ .دينيه ، فنان رسام |
|
|
| |
|
blackbird01
عدد الرسائل : 151 المزاج : متفائل تاريخ التسجيل : 05/04/2008
| |
لحن الربيع
عدد الرسائل : 330 العمر : 48 المزاج : فرحانة تاريخ التسجيل : 05/04/2008
| موضوع: رد: اتيان دينية رسام فرنسي اعتنق الاسلام ادخل لا تتردد الخميس أبريل 10, 2008 9:13 pm | |
| جزاك الله خيرا اخي على ما قدمته لنا من معلومات تقبل مروري | |
|
نظرة_غامضة
عدد الرسائل : 115 تاريخ التسجيل : 05/04/2008
| موضوع: رد: اتيان دينية رسام فرنسي اعتنق الاسلام ادخل لا تتردد الجمعة أبريل 11, 2008 11:51 am | |
| | |
|